يدهشني حقا موقف مهرجان القاهرة السينمائي الدولي من الفنانة القديرة سميرة أحمد، ولا أجد تفسيرا لهذا التجاهل الغريب من إدارة المهرجان لها ولتاريخها الفني الطويل، ولا يعقل أن يكون تكريم فنانة كبيرة بحجم سميرة أحمد يحتاج إلي اتصال شخصي منها للفنان فاروق حسني وزير الثقافة! ليس هذا فحسب بل إنها اضطرت إلي أن تشكو مرة ثانية من إصرار إدارة المهرجان علي تجاهل وعد الوزير لها بتكريمها هذا العام، وبدلا من أن يعلن المهرجان اعتذاره الرسمي عن هذا الخطأ الكبير، فاجأها وفاجأنا بالإعلان عن تكريم نجوم آخرين نقدرهم، ونحترمهم ونسعد لتكريمهم، لكن لاشك أن سميرة أحمد هي الأحق منهم جميعا بالتكريم.
لقد دهشت عندما أخبرتني نجمة الزمن الجميل بأنها لم تلق تكريما حتي الآن من مهرجان القاهرة السينمائي، بالرغم من تكريمه للعديد من النجوم والنجمات من أجيال لاحقة! وشعرت بخجل كبير من نفسي لأنني لم أنتبه إلي ذلك الأمر، وإن كان عزائي أن الأمر قد اختلط عليٌ بين تكريمها في المهرجان القومي، ومهرجان القاهرة، صحيح أنها كرمت في العديد من المهرجانات الدولية والمحلية، لكن الصحيح أيضا أن تكريمها في مهرجان بلدها حق لا يمكن لأحد أن ينكره عليها أو يتغافل عنه.
ومازلت أتذكر أنني عندما أجريت حديثا مع الفنانة الكبيرة هند رستم بمناسبة تكريمها في مهرجان القاهرة السينمائي منذ عدة سنوات، قالت لي: »إن شادية أحق منها بالتكريم«. فاندهشت وسألتها لماذا؟! قالت: »لقد كرٌم المهرجان فاتن حمامة أولا لأنها أول من عملت في السينما من جيلنا، ثم ماجدة، والمفروض أن يكون التكريم هذا العام للفنانة شادية لأن بدايتها في السينما كانت مبكرة عني!« وكان وقتها الكاتب الكبير سعدالدين وهبة رئيس المهرجان، الذي تدارك ذلك الخطأ، وفي العام التالي أعلن عن تكريم شادية، وكان الأمر الطبيعي أن يستكمل المهرجان بعد ذلك سلسلة تكريم نجومنا، ونجماتنا بهذا المنطق السليم، وليس تبعا للأمزجة والأهواء والخواطر والمصادفات!
إنني لست بحاجة لأن أقول إن مهرجان القاهرة السينمائي سيزداد قيمة وشرفا بتكريم نجمة من زمن الحب والفن الجميل، نجمة أثرت الشاشة الكبيرة بمشوار فني حافل بالأدوار العظيمة.
إن لحظة التكريم هي أجمل لحظات العمر في حياة أي فنان مهما كانت شهرته ونجوميته، وأتمني أن يمحو طعم التكريم مرارة ما حدث من إدارة المهرجان!
> > >
أسعدني وأحزنني- في ذات الوقت- خبر قرأته في جريدة »روزاليوسف« محتوي الخبر يقول: إن الفنان نورالشريف تعاقد علي القيام ببطولة المسلسل الديني »أبوالحسن الشاذلي« تأليف أنور عبدالمغيث وإخراج شوقي الماجري، وأنه اتفق أيضا مع المنتج محمد فوزي علي تقديم الجزء الثالث من مسلسل »الدالي«! مبعث سعادتي يرجع لعدة أسباب.. أولا أننا اشتقنا لرؤية النجم القدير في مثل هذه الأدوار التاريخية التي يبرع في أدائها، وأنتظر أن يمتعنا بهذا العمل الجديد مثلما أمتعنا من قبل في مسلسل الخليفة الأموي »عمر بن عبدالعزيز« الذي لقب بخامس الخلفاء الراشدين، و»هارون الرشيد« إلي جانب أنه اختار شخصية تاريخية لا يعرفها الكثيرون جيدا هي شخصية الشيخ الصوفي المغربي »أبوالحسن الشاذلي« الذي عاش في تونس وجاء إلي الإسكندرية، وجاهد في معركة المنصورة ضد الفرنسيين، وكان يكره أن يكون أتباعه ومريدوه من العاطلين الذين يسألون الناس، وهي فلسفة تقترب من فلسفة الإمام الغزالي.. سعادتي أيضا تنبع من أن نورالشريف يتعاون مع مخرج قدير مثل شوقي الماجري الذي برع في تقديم تلك النوعية من الدراما التاريخية وأصبح اسمه شهادة ضمان لمشاهدة عمل درامي متميز.
أما الذي أحزنني فيما قرأت فهو أن يهدر فنان كبير مثل نورالشريف موهبته وجماهيريته في تقديم جزء ثالث من مسلسل »الدالي« الذي استنفد صلاحيته وفقد أهليته ولم يبق في جعبة مؤلفه المزيد.. صحيح أنه يصعب علي الفنان في هذا المناخ السائد أن يرفض، ويقاوم الإغراءات المالية الهائلة التي تقدمها له شركات الإنتاج، ووكالات الإعلانات، ولكن الصحيح أيضا أن نورالشريف فنان يعرف متي يقول »لا«، ويستطيع أن يقولها في أي وقت يشاء!
> > >
اعتدت أن أكتب في هذا المكان عن المخرجين الذين يصنعون أفلاما، ويطرحون أفكارا وقضايا في أعمالهم الفنية، لكنني أردت أن أكتب تلك السطور- اليوم- تحية لمخرج سينمائية شابة ليس إعجابا بأحد أفلامها، وإنما تقديرا لشجاعتها وجرأتها وإصرارها علي حماية حقها وكرامتها، وكرامة كل فتاة مصرية، وعدم الرضوخ لمحاولات إثنائها عن موقفها، وتهديدها بالتعرض للعار والفضيحة. تلك الشابة الصغيرة »نهي رشدي« التي أعطت بموقفها درسا كبيرا لكل من تسول له نفسه الإقدام علي مثل هذا الفعل الشائن، وعدم احترام آدمية المرأة التي أصبحت ضحية للانهيار الأخلاقي، والسلوك المتدني الذي ساد المجتمع في الأونة الأخيرة، وجعلها تتعرض لأسوأ صنوف المهانة والاضطهاد والظلم في الشارع المصري.
إنني أقول ل»نهي«: إننا جميعا نفخر بك ونؤازرك ونشد علي يديك، وأتمني ألا تكتفي بالحكم الرادع الذي حصلت عليه من المحكمة، ذلك الحكم الذي رد جزءا من الاعتبار للمرأة المصرية، وإنما يجب عليك أن تقدمي تجربتك في فيلم سينمائي يكون بداية لحملة للتصدي لما تتعرض له المرأة، ودفعها إلي عدم التفريط في حقوقها وكرامتها، ومحاولة إيقاظ مشاعر النخوة والشرف والتصدي لحالة اللامبالاة التي توغلت في النفوس والضمائر والعقول، وأساءت للشخصية المصرية!
> > >
عناوين الصحف أصبحت مرعبة: »تحرش جنسي في شارع جامعة الدول العربية«، »جثة طفل مشوهة المعالم مسروق الكليتين«، »شاب يقتل خاله بعد أن شاهده في أحضان أمه«، »عجوز تقدم بناتها لراغبي المتعة الحرام في شقتها«، »القبض علي موظف وزوجته في قضية تبادل الزوجات«، »مصرع تلميذ قتله أستاذه في الفصل بسبب الواجب«، و»تلميذة تموت بالسكتة القلبية رعبا عندما رأت عصا المدرس الغليظة«.. وكأن الصحف تتحدث عن شعب آخر غير الذي أعرفه، وبلد مختلف غير مصر التي في خاطري وقلبي ووجداني!
> > >
في إطار حالة الهوس في منطقة الخليج العربي بالنجوم العالميين، أذكر أنني قرأت ضمن ما قرأت أن الشيخ »عبدالله بن حمد آل خليفة« نجل ملك البحرين، قام باستضافة المغني الأمريكي »مايكل جاكسون« في البحرين بعد انتهاء قضية اتهامه بالتحرش التي لطخت سمعة نجم البوب الشهير، ودعا أيضا عائلته وأصدقاء عائلته ليقضوا عيد الميلاد معه في أحد القصور الفخمة الذي خصصه له في العاصمة المنامة، بعد تغيير الديكورات والأثاث، كما قام بنقل سيارته »الفيراري« من أمريكا إلي دبي جوا، ومنها إلي المنامة.. كل ذلك مقابل إطلاق شركة للإنتاج الفني بينهما مقرها البحرين برأسمال ضخم، وإصدار ألبوم غنائي، وتمخض المشروع عن إصدار أغنية من أجل السلام يؤديها نجوم العالم مع مايكل جاكسون، تخصص أرباحها لدعم المنظمات الإنسانية في العالم، وإغاثة ضحايا الكوارث والحروب والمجاعات.. لكن جاكسون ترك كل ذلك وراء ظهره وعاد إلي أمريكا بعد أقل من عام، وظل المشروع حبرا علي ورق! ووصل الأمر إلي المحاكم البريطانية بعد أن رفضت الشركة الفنية البحرينية قبول المبلغ المالي الذي عرضه جاكسون لتسوية القضية، لكن الشركة تمسكت بمطالبته بالالتزام بالعقد، وعدم قبول تخليه- غير المبرر- عن إتمام الاتفاق، واضطرت الشركة الفنية البحرينية، ومقرها لندن إلي التعاقد مع شركة دعاية وإعلان بريطانية شهيرة للدفاع عن صورتها، وموقفها إعلاميا مع بداية الجلسات!
تلك هي القضية.. ولا تعليق!
